لقاء مع شخصية من أوائل خريجي أول مؤسسة مدنية في بريدة

Wednesday 04 May : 14:31  | كتب بواسطة:  أبوناصر  |  التصنيف:  شخصيات

لقاء مع شخصية من أوائل خريجي أول مؤسسة مدنية في بريدة
العم / أبو إبراهيم عبدالله بن محمد بن سليمان

حوار محمد بن صالح وتحرير فهد بن ناصر
شخصية فيها الوقار والسكون فيها التعقل والاتزان تمتاز بالعطاء الخيري والتواصل الاجتماعي..... شخصية مخضرمة عايشت الماضي البسيط والحاضر المعقد منذ بداياته فكانت من أوائل خريجي أول مؤسسة مدنية في بريدة.... ومن أوائل من شارك وأسس تعدد هذه المؤسسات في بريدة ...
في يوم الخميس 28 / 10/1431هـ كان لنا شرف إجراء مقابلة
مع العم أبو إبراهيم عبدالله بن محمد بن سليمان في بيته العامر في حي البصيرية ببريدة بحضور كل من ابنه إبراهيم وابنه عمر والأخ فهد بن ناصر فكان هذا الحوار الشيق فإلى تفاصيله ...


- أبا إبراهيم حدثنا عن بطاقتك الشخصية؟

أنا عبدالله بن محمد بن سليمان بن الشيخ محمد بن عمر بن سليم ولدت عام 1353هـ تقريبا ودخلت المدرسة الابتدائية السعودية وهي أول مدرسة أنشئت ببريدة وذلك عام 1362هـ  وتخرجت منها عام 1368هـ وتعينت بها مدرسا بنفس العام وامتدت خدمتي بها إلى عام 1390هـ حتى انتقلت منها مديرا لمدرسة معاذ بن جبل وأنهيت خدماتي عام 1395هـ وترعرت في بيت أسرتي التي كانت تسمى بيت محمد بن عمر وهو جد والدي وهو الشيخ العلامة المعروف في القصيم كله المتوفى عام 1308هـ.  وجدي سليمان أحد أبنائه الثلاثة الذين بقي لهم نسل وهم "إبراهيم وعبدالعزيز وجدي سليمان" وهذا البيت آل لملك جدي سليمان بالشراء من الورثة وكان يقطن البيت 42 نفسا كلهم من أبناء وأحفاد جدي سليمان رحم الله الجميع من ذريتي أبنائه وهم والدي محمد وذرية عمي عمر.

عشت في ظل هذا البيت العامر الذي جمع هذه الأعداد الغفيرة على المحبة والود, وكانت الاجتماعات واحدة, والمائدة واحدة, والمعيشة واحدة, كانت القلوب غير متطلعة لمطامع الدنيا, وكان الناس تلفهم البساطة والألفة .

عشت في ظل رعاية والدي, الذي كان يعمل على مداينة الفلاحين, وأتذكر أني كنت أذهب معه إلى أبلق الأقصى (موضع شمال بريدة) على أقدامنا وأنا في سن الثالثة عشر حيث كان يداين الفلاح بدراهم وقت بذر العيش مقابل عيش يبتاعه منه , فالصاع يحسب بأربع ريالات عند المداينة ويشتريه منه بسعر أقل عند الحصاد مثلا بثلاثة ريالات . وأذكر أنّا ذهبنا وإياه ووالدتي وجدتي وعمري آنذاك أربعة عشر سنة, ذهبنا لأم الأفاعي (موضع شمال بريدة) حيث كان والدي يُبعل فيها العيش (يبعل يعني يبذر العيش ويترك ليسقيه المطر). نذهب عند استواء البَعل ونضجه , وكنا نحمل الأحمال والنساء على بعيرين, أما الرجال وأمثالي من الأولاد فيمشون على الأقدام, وكان معنا عمال يبلغ عددهم من أربعة إلى ستة ومهمتهم الحصاد وتجميع العشب وذري العيش من سنبله بعد حصاده.


ــ كم كانت مدة هذه الرحلة؟  

 تمتد هذه الرحلة قرابة عشرين يوماً حسب مقدار البعل وحسب الرياح المعينة في ذري العيش.


- كيف كان يذرى العيش ويخرج من سنبله؟

يوضع على أرض صلبة ثم يمررون عليه البهائم ثم يحركونه للأسفل وللأعلى معرضينه للهواء فيذري الهواء الخفيف منه ويسقط حب العيش في الأرض وهكذا يجمع.


- هل تمضون هذه المدة بالعراء أم تنصبون شيئاً تتقون به من حرارة الشمس؟

لا بل كنا ننصب خياماً خيمتين على الأقل  واحدة للرجال والأخرى للنساء والعمال ينامون بالعراء والطبخ يكون خارج الخيام .


- هل الخيام متوفرة في ذلك الوقت؟

نعم الخيام كانت تصنع محلياً أو تورد من الكويت وكانت سعتها ستة أمتار في ثلاثة تقريباً.


 - هل كنتم تذهبون أيام الدراسة أم أيام العطل؟


لا بل كنا نذهب أيام الدراسة وتعارض الدراسة مع مثل هذه الأعمال ليس بالمهم فهذا العمل سابقا أهم عند الناس من الدراسة.


- هل تتذكر موقفاً من المواقف حدث لك في مثل هذه الرحلات؟

أذكر أني كنت جالسا عند النار في الظهيرة ومعروف أن النار لا تُرى في مثل هذا الوقت ولصغر سني فلم أشعر بأن النار قد التهمت جزءا من ثوبي وإذا بجدتي تقبل عليَّ وتفرك النار التي شبت في ثوبي حتى أطفأته جزاها الله خيرا حتى أن يديها تأثرت من حرارة لهب النار المتوقد في ثوبي غفر الله لها.   أما أنا بحمد الله لم يصبني شيء وهذه السلامة كلها من لطف الله بي ثم فطنة وشفقة وحرص جدتي رحمها الله.


- هل عايشت الجد سليمان رحمه الله ؟

جدي توفي رحمه الله عام 1361هـ تقريبا وكان عمري وقتها أقل من العاشرة ولذلك لم أعايشه عن وعي وإنما أتخيل جسمه حيث كان طويلا القامة نحيف الجسم.


- والدك توفي عام 1418هـ وأنت ولدت عام 1353هـ فتكون عشت مع الوالد 65سنة فهل لك أن تحدثنا عن ما كان يمتاز به والدك وما هو أثره عليك؟


والدي رباني تربية حسنة, وتعلمت منه الجّدَ في الحياة, لأنه كان رجلا عاملا بحق, فهو يعمل كل الأعمال التي يريدها بيده, وكان يتقن أي عمل يعمله, وكان ذكيا ذا رأي حصيف , ولذلك كان محلا للاستشارة, وكان كل معارفه وأقاربه وأصدقائه يستشيرونه , وكان يوميا يصلي الفجر مع الحميدي المطوع, ويحضر درسه بعد صلاة الفجر, وكان يعمل بالتجارة والزراعة, وقد ذكرت لك عن عمله بالبعل, وكذلك عمل على إحياء الأرض بالزراعة فقد أحيى خب العترش, فحفر بها آبارا وغرس فيها أثلا وعمرها بالزراعة والغريس.


ــ أبا إبراهيم حدثنا عن طلبك للعلم في مدرسة الفيصلية السعودية سابقا وصف لنا هذه المدرسة من حيث المبنى والأثاث المدرسي وغيره.؟

مدرسة الفيصلية كانت في مبنى يسمى مدرسة السيف قديما حيث حلت محل مدرسة السيف التي كانت بقرب الجردة.

وأنشئت المدرسة السعودية في مقر مدرسة السيف , ولهذا كانت تسمى بالبداية, ثم أصبح اسمها لاحقا الفيصلية , فاستأجرت الحكومة مقر مدرسة السيف وضم طلبتها للمدرسة السعودية.

وكان مبنى المدرسة مستطيل الشكل, والغرف وعريشها من جهتين من الجهة الجنوبية والشرقية ومن الجهة الغربية الشارع ومن الجهة الشمالية جار.   وكانت مساحة فنائها بما حوى من العريش المظلل تقريبا 20 في 20 متر, والغرف أي الفصول مساحتها 3.5 في 4 أمتار تقريبا, وكانت الدراسة بالفصل على الأرض, ويوجد بكل فصل سبورة على قوائم, وهي مصنعة محلياً ومطلية بالسواد وأبعادها 1.5 متر في 1.25 متر , وترتفع عن الأرض متر أو يزيد, وكان لكل طالب شنطة من الخشب , يضع بها كتبه ودفاتره وأدواته, حيث كان لا يأخذها معه للبيت تسمى هذه الشنطة بالسحارّه , وهي ذات أبعاد 60سم في 20 سم في 25سم تقربيا, والمواد الدراسية في المراحل الأولى من الصف الأول إلى الصف الرابعة ثابتة, وهي مادة الكتابة والقراءة والقرآن والتوحيد والفقه والحساب, ويزيد عليها في الصف الخامس والسادس تجويد وتاريخ وجغرافيا وعلوم, وكان يدرسنا من المدرسين محمد الخضر ومحمد السليمان السليم وعلي الحصين وإبراهيم العمار وعبدالله الزعاق وصالح العمري , وكان رائد فصلنا الذي كان يسمى وقتها رئيس الفصل ناصر الدبيان.


- يعني أن كل المعلمين كانوا من بريدة ولا يوجد من بينهم وافدين ؟

لا ....  أتذكر وأنا في الصفوف الأولى أن هناك مدرسا أظنه فلسطيني ولم يدرسني.  حدثنا عن زملائك بالفصل من تذكر منهم وهل تذكر موقفا طريفا لهم؟  كان يَدْرس معنا الأخ / ناصر الدبيان, والأخ / محمد البشر, والأخ /سليمان السالم, والأخ /ناصر العلي الناصر.

وأتذكر أني كنت جيدا بمادة الحساب والمواد العصرية, وكان مدير المدرسة وقتها الأستاذ صالح العمري يدرسنا في الصف السادس مادة الحساب وكان يملي علينا المسألة الحسابية وبعد أن نحلها يقول اللي حله مثل حل ناصر الدبيان فحله صحيح وهكذا كان تصحيحه مع أن حلي كان صحيحاً. حدثنا عن الجدول الدراسي كيف كان.   الدرس كانت مدته 45دقيقة وفي اليوم ست دروس, أربع دروس صباحاً وتنتهي 12ظهراً, ودرسين بعد الظهر ما عدا يوم الخميس أربع دروس في الصباح فقط.



- كيف كنتَ تقضي يومك أيام الدراسة ؟

حقيقة لم تكن المدرسة في محل الاهتمام حينها. وأتذكر أني كنت ألعب بالسوق ثم أذهب للمدرسة ولم نكن نلتزم بالمذاكرة خارج المدرسة.


- هل تحدثنا عن خبر تخرجك ؟

أتذكر أن مدير المدرسة الأستاذ صالح العمري قال لي وقتها وكان يمازحني وهو يبشرني بالنجاح بقوله شفت يالبطول تراك نجحت. عندها ذهبت لوالدي أخبره الخبر فلما أخبرته قال لي هل تحب السعي مثلي بالتجارة والزراعة وإلا ترغب بالوظيفة فقلت حسب رغبتك.


ــ ذكرت بأن تعينك معلماً في المدرسة كان مباشراً لتخرجك, هل هذا من قلة المعلمين أم ماذا ؟

نعم السبب قلة من يجيد الكتابة والحساب والمواد الدراسية, وعدم رغبة وقبول طلاب العلم المجيدين للعمل بالمدرسة, فكان أمثالي ممن تخرج وتعلم تلك المواد هم الوحيدون الذين قبلوا العمل بالمدرسة, ولهم القدرة لتدريس موادها, وكان الشيخ صالح العمري يتردد على المساجد محاولاً إقناع الشيوخ وطلاب العلم المجيدين للكتابة والقراءة بالعمل بالمدرسة, ولكن دون جدوى في كثير من الأحيان.


- أبا إبراهيم حدثنا عن عملك بالمدرسة وما هي الصفوف و المواد التي كنت تدرسها ؟

من عام 1368هـ وهو العام الذي تعينتُ فيه إلى عام 1372هـ كنت أُدَرِس الصف الرابع والخامس والسادس, وبعدها عملت وكيلاً بالإضافة إلى التدريس, وكنت أعد جدول المدرسة, وكان بها عشرون معلماً, وعمل الجدول كان صعباً لا يجيده إلا القليل, بالإضافة لعملي وكيلا وعملي بالجدول, كنت أدرس ست حصص فقط , وأحياناً ثمان حصص فقط وكان نصاب المعلم 24 حصة  وهو نصابي في السنوات الأولى من تعييني حتى عام 1372هـ كما ذكرت لك. وكنت أُدرس مادة الحساب والقرآن الكريم والجغرافيا.


- هل تذكر لنا عملا مميزاً لك في طرائق التدريس ؟

نعم كنت أعمل خارطة من الورق لمادة الجغرافيا, فابتكرت طريقتها كالآتي أرسمها على كرتون الذي يأتي مع لفائف القماش وكانت أبعاده 60*60 سم وكنت اجعل الورق شفافا بواسطة غمره بالقاز ثم بعد أن يجف نوعا ما يكون ذا شفافية بنسبة مناسبة جدا فأستخدمه لشف الخريطة من الكتاب على هذا الكرتون. وابتكرت أيضا طريقة لتكبير الخريطة حيث كنت أقص الكرتون بشكل الخريطة من حيث حدودها الخارجية ثم أُعَرِض هذا الكرتون لضوء السراج وأجعل ظل الكرتون الذي يمثل حدود الخريطة يقع على الجدار المقابل ثم أرسم الخريطة على ورق كرتون مثبت على الجدار الذي وقع عليه ظل هذا الكرتون المجسم بالحدود الخارجية للخريطة, وهكذا أكبر الخريطة وأصنع منها وسيلة تعليمية.

و ظللت أعمل بوكالة المدرسة الفصيلية من عام 1372 هـ إلى عام 1390 هـ تقريبا أكثر من 17 سنة. وبعدها انتقلت مديراً لمدرسة معاذ بن جبل الذي افتتحتها واستأجرت مقرها بتكليف من مديرية المعارف , وقد استأجرت مقرها من صالح الزبن بحي الشماس بأجرة بلغت 18 ألف ريال بالسنة, وكانت دور واحد وبها 8 فصول ومعلميها بلغ عددهم 12 معلماً, وافتتحنا بها كل الصفوف الابتدائية الستة, وعملت بهذه المدرسة خمس سنوات من عام 1390هـ إلى عام 1395هـ حيث أنهيت خدماتي بالعمل الوظيفي في عام 1395هـ.


- هل كان عملك بالإدارة عن رغبة منك أم لا ؟ ولماذا تركت العمل الوظيفي هل لأنك بلغت سن التقاعد أم كانت رغبة منك؟

عملي بالإدارة كان سببه إني كنت مستحقا  للعلاوة , ولكن العلاوة كانت مربوطة بعملي مديراً لمدرسة , ولذلك خيرت بين ترك العلاوة أو العمل بالإدارة, فاخترت العمل بالإدارة لأحصل على العلاوة.

أما عن تركي العمل بالتعليم وإنهاء خدماتي بالوظيفة, فكان السبب الطفرة المالية التي حصلت, والتي حدت بالناس إلى زهد بالمرتبات والاتجاه إلى العمل التجاري فهو أكثر ربحاً والفرص فيه عديدة , وهذا أثر على عطاء المعلمين وبحكم إدارتي للمدرسة كان عدم اهتمام المعلمين بالتعليم وبالدوام المدرسي كان هذا يضايقني جداً مع تشوق النفس للفرص الأخرى فاجتمع السببان فكانا هما الباعثين على طلبي للتقاعد وترك الوظيفة قبل بلوغ سن التقاعد.



ــ قبل أن ننتقل معك للمرحلة التي تلت عملك بالتعليم هل تحدثنا عن موقف أو عمل مميز ما زال في ذاكرتك عن التعليم ؟

أتذكر أول حفل مدرسي أقمناه, وكنت وقتها وكيلا للمدرسة, حيث عمل الشيخ صالح العمري مدير المدرسة على تجهيز مقر الحفل بحيث قام بتغطية معظم فناء المدرسة بالقماش, وكان الحفل خطابي.

وأتذكر استقبال الملك سعود رحمه الله عندما نزل بالطائرة في بريدة لزيارتها وزيارة كافة قرى القصيم , أتذكر ذلك الاستقبال الذي عَمِلَتُه مديرية المعارف بالقصيم وكان يرأسها صالح العمري رحمه الله حيث أقام حفلا واستقبالا للملك سعود على مستوى مدارس المنطقة, وجهز الطلاب بثياب وغتر موحدة حيث اصطف الطلاب وعليهم مشرفون من المعلمين واصطفافهم كان مبتدئاً من موقع نزول الطائرة وكانت على مسافة بعيدة جداً من شمال بريدة وكان الطلاب من كافة مدارس المنطقة وكانوا ينشدون النشيد الترحيبي بمقدم الملك, وكان استقبال الملك وحفل العشاء في مزرعة الشيخ صالح العمري شمال بريدة التي كانت في مكان مخابز الأرياف بشارع الخبيب حاليا وما كان يليه من الشرق.



ــ إذا بعد ترك الوظيفة عملت بالتجارة التي ذكرت بأن فرصها عديدة حدثنا عن أول تجربتك في هذا المجال ؟

بدايتي بالعمل التجاري ابتدأ قبل تركي الوظيفة تقريباً من عام 1380هـ حيث عملت ببيع الأثاث المكتبي وخزانات الملابس "التي نسميها دواليب" وكنت شريكاً مع أخي صالح رحمه الله, وانتهيت من هذا المجال عام 1390هـ فعملت بالزراعة حيث بدأنا بإحياء مزرعتنا في أبلق شمال بريدة, وعملت ببيع وشراء العقار, وساهمت ببعض المساهمات التجارية في مجال العقار التي افتتحت في بريدة, وأذكر منها مساهمتنا مع الراجحي بأرض درجت عليه بالشراء من الأمير مقرن بن عبدالعزيز وكان سعر السهم خمس ريالات للمتر المربع والتي صفيت بسعر 35 ريال ووصلت الى 80 ريال مع التداول.


ــ ذكرت بأن المعلمين اشغلتهم الطفرة عن التعليم هل مرتباتهم لم تكن كافية وقتها ؟

لا المرتب لم يكن كافياً؛ كان يستهلك بالكلية لأنه بسيط .


ــ أبا إبراهيم بحكم أنك من آل سليم أسرة العلم والعلماء والدعوة والقضاء ألم يكن هذا مشجعا لك بأن تطلب العلم وتسابق فيه أنت وأمثالك ؟

نعم العلم لا شك بأنه هو البركة وهو الرفعة ولكن الغفلة واللهو عن هذه المعاني لديَّ ولدى كثيرٍ من أقراني, فغفلتنا عن هذا الأمر وعدم العناية به, كان سبباً لعدم سيرنا على سيرة علماء الأسرة.

والملك عبدالعزيز لما رأى قلة العلماء وقلة التوجه لطلب العلم, أنشأ دار التوحيد بالطائف وأخذ الطلبة من أهاليهم بالإرغام إلى الدراسة بهذه الدار, حيث نقل عدداً من طلاب المدرسة السعودية سابقاً "الفيصلية لاحقاً" ببريدة وهم بالصف الرابع قبل أن يكملوا دراسة صفوف المرحلة الابتدائية, فأخذ كلاً من صالح المقيطيب وصالح العدل والربيعان وعلي الدخيل وعبدالعزيز المسند.

وكان لصالح العدل قصة ظريفة حيث هربه أهله للشماسية عند أخواله لإخفائه عن أنظار اللجنة المكلفة بأخذ الطلاب لدار التوحيد ولكن اللجنة وصلت إليه وأخذته من أخواله بالقوة.



ــ لماذا الأهالي خائفون من نقل الطلاب للدراسة بالطائف ؟

كان الأهالي يعتقدون بأن الحكومة تأخذ أبناءها للتجنيد بالشرطة والجيش وهذا ليس محل رغبة لهم.


ــ أبا إبراهيم حدثنا عن علاقة بيوتات آل سليم فيما بينها هل كانت متينة ؟

لا مع الأسف لم تكن هناك علاقة وثيقة دائمة فلا أتذكر إلا علاقتنا ببيوتات آل محمد بن عمر فكان بعض الأسرة وأصهارهم يجتمعون في بيت والدي مساء قبل الغروب أو بعد المغرب وكان يأتي إليه إبراهيم العمري وإبراهيم الصالح السليم وأخيه الشيخ محمد الصالح, وكان والدي يستضيف الشيخ محمد العلي الصانع والشيخ محمد الصالح السليم عند مقدمهم على بريدة هؤلاء هم الذين أتذكر علاقتنا بهم.


ــ متى تزوجت وكم لك من الذرية أصلحهم الله ؟

تزوجت أول زواجي لي عام 1374هـ أو 1373هـ ولي من الذرية  تسعة من الذكور  وتسعة من الإناث وهم من زوجتين أصلح الله لنا ولكم الذرية.


- شخصكم عايش تربية الأولاد في مراحل متعددة حدثنا عن تربية الأولاد ؟

تربية الأولاد مجاهدة خصوصاً في الوقت الحاضر, فالأب يعاني من مسألة مذاكرة الأولاد لدروسهم, ويعاني من حضورهم الأسري ومن ترتيب الوقت معهم.


ــ أنت محب للسفر والسياحة وربما جربت السفر بالأبل وبالسيارات بالطرق الترابية حدثنا عن تلك التجارب التي ما زالت عالقة في ذهنك بكل شدتها وصعوبتها مقارنة بوسائل السفر حالياً والطرق بين المدن والمحافظات والمناطق في بلادنا الحبيبة؟

أنا لم أسافر على الجمال ولكن سافرت بالسيارات على الطرق الترابية وكان المسير عليها صعب جداً. ومن ذلك أن أبا أحمد صالح بن محمد بن الشيخ محمد الصالح السليم  - رحم الله الجميع- أراد الزواج بابنة عمه عبدالعزيز الصالح , التي كان مسكنها عند أخوالها الجاسر بالخرج , وحدد الزواج يوم عيد رمضان, وذهبنا على سيارة خاصة مع أولاده وبعض الأقارب نهار ليلة العيد, وبدأنا السفر بعد صلاة الفجر, ولكن الأمطار بدأت تهطل بغزارة وانقطعت الطرق وجميع المسافرين من بريدة اضطروا للبقاء في مكانهم الذي حبسهم به المطر في الطريق . فقامت الحكومة أعزها الله تَدور ( تبحث) بالطائرة لتنقذ الناس وجلسنا يوماً وليلة بعد العيد والزواج يوم العيد ولم يتمكن العريس من الوصول إلى الرياض إلا بعد موعد الزواج بيومين . ــ حدثنا عن رأيك في الاجتماع الأسري الدوري النصف سنوي؟  في رأيي بأن الاجتماع لو عقد مرة بالسنة ويكون يوماً مفتوحاً بحيث يكون غداء وعشاء وتكون التكلفة على شخصين لأني أرى أن الاجتماع بوقته القصير هذا لم يثمر بالتعارف فأنا مثلاً لم تزدد معرفتي بأفراد الأسرة فما زلت لا أعرف إلا المحيطين بي والذين أعرفهم سابقا ًوهذا في ظني أنه عائد لقصر الوقت الذي يمنع من امتزاج الحاضرين للاجتماع ببعضهم مما يولد تعارفا أكثر.


تعليقات (0) للأعلى ↑
   سهل الطباعة